Wednesday, June 25, 2008

في ترام الرمل .. جنى

العمل الثاني هو قصة بعنوان في ترام الرمل للمدونة جنى بفتح النون والألف المقصورة وقبل عرض العمل أحب أن أنوه أن العمل القادم سيكون في اليوم الأول من الشهر المقبل وهو لكاتب شاب متحمس اسمه أحمد عبد الفتّاح .. الى العمل

رحلة في ترام الرمل



خرجت من بناية عالية ... تحمل يد طفلتها فى يدها.. تشعر بسعادة عارمة ...اخيرا ستستقل ترام الرمل... يااااااه ..مرت فترة طويلة دون ان تركب الترام ..لو استطاعت ان تقضى مشوارها هذا حين ذهابها اليه ايضا بالترام لفعلت ولكنها تأخرت كثيرا عن موعدها فاضطرت الى ركوب تاكسى ..ولكنها الان تملك الوقت للعودة بها
ذهبت الى المحطة ..ووقفت تختار من بين ثلاث عربات يهموا بالقيام ..اختارت اقلهم ازدحاما .. حيث لا تصل الى اخر الطريق ....واتجهت اليها تحمل طفلتها لتجلس فى مقعد من وسط اربعة فارغين تماما ...فاتخذته بجانب النافذة كما اعتادت قديما .. وقبل ان يهم السائق بالقيام ..ركبت سيدة عجوز ...واختارت المقعد المواجه ..تعجبت حيث المقاعد الفارغة كثيرة ..ولكنها انتويت ان تستمتع بكل لحظة فى طريقها ..فلا تضيع ثوان فى تساؤلات تافهة
سارت الترام فى سلام .وبدأت هى فى تذكر صوت الترام على القضبان ..وانتظام طرق العجلات فى مسارها وكيف كان يجعلها ذلك تسرح فى واجهات المحلات والبنايات بل والوان السيارات المارة بجانبها
نظرت حولها لتجد اخرين اتخذوا مقاعد مجاورة
سبحان الله...تكاد تجزم انها نفس الوجوه التى اعتادت رؤيتها من سنين
نساء عائدات من وظائفهن
امرأة عجوز ...فضولها يقتلها لمعرفة عما يتحدثن
ام تنهر ولدها لانه الح فى شراء فشار وايس كريم ..وله ان يختار واحدة فقط
طالبات جامعة ..ذكروها بايام جميلة فابتسمت ..ثم احست بأن فترة من الزمن قد فاتت وانقضت فلوحت وجهها عنهم
هذه الوجوه ان اهتمت لها اكثر من ذلك ستضيع عليها فرصة رائعة لممارسة واحدة من الاعيبها القديمة
عليها ان تعد خمس سيارات ثم تنظر الى السادسة لتكون سيارة المستقبل
فتفرح حين يقع النصيب على عربية سبور
وتنزعج حين تجدها 127 او قردة مثلا
كان هذا قديما
ولكنها ما أن بدأت الا وقد وجدت كل السيارات سبور كما تمنت ..ولكنها ليست الوانها المفضلة
وجدت نفسها تتمتم بكلمات اغنية لام كلثوم
فاطلقت العنان لنفسها وترنمت بجمل اعجبتها فى اغنية .".اصبح عندى الان بندقية"
تنظر لها ابنتها وتبتسم ..وتشير الى عربة حمراء ..قائلة بابا
تربت على ظهرها ضاحكة ..وتسند رأسها اليها
ثم تعاود الغناء فى داخلها
لتجد نفسها تتمايل وكأنها تحمل مايك ومتأثرة عند جملة
عشرين عاما وانا ابحث عن أرض وعن هوية
وقد انعقد حاجباها تأثرا
فتستفيق لتجد السيدة العجوز أمامها تنظر لها فى فضول قاتل
يا خبر ابيض قالت لنفسها .. ستظننى مجنونة
فأكملت بعض الكلمات فتهدأ معها تقاسيم وجهها .. حتى يبدو طبيعيا للسيدة العجوز
ابحث عن طفولتى ..وعن رفاق حارتى
عن كتبى ..عن صورى ... عن تيرارار...لم تستطع تفسير هذه الكلمة من قبل
ولا تزال السيدة تنظر لها شذرا....ثم خرجت عن صمتها فجأة قائلة
ابنى مجننى كده ...خلانى ماشية اكلم نفسى فى الشارع
خير...رائع .... هى تأكدت الآن انى غير طبيبعية
فأكملت السيدة ذات الايشارب الذى يلف وجهها وان لم ينجح فى اخفاء خصلات شعرها البيضاء
لما بيتجوزوا ...بينسوا امهم وابوهم ...ويلزقوا كده جنب مراتتهم..يمين ..حاضر ...شمال ..حاضر
انتبهت هى لها ..فالسيدة تحمل عبئا ثقيلا وتحتاج للفضفضة
اكملت السيدة باختصار وكانها ملت من تكرار هذا الحديث لآخرين يسبقونها
اعتدلت هى فى مقعدها ..وقالت لها ابن حضرتك ميقدرش يستغنى عنك ..هو بس بيدلع عليكم .. وحاولت ان تتذكر ما يقال فى هذه المواقف .. فقالت لها ان تهدأ وان تتذكر دعاء فك الكرب ..وان تكثر من لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين .والا تحاول الضغط عليه ..بل عليها ان تتحدث معه بروية وان السياسة فى مثل هذه الامور تعطى نتائج أفضل ....فدخلت فتاة بجانبها فى الحديث دون دعوة ...تعجبت هى فى بادىء الامر..ولكنها نظرت اليها فوجدتها ملائكية الوجه ذات خمار يلفها ..فابتسمت لها ..فلكم تحب هؤلاء الفتيات المختمرات
بدأت الفتاة فى الحديث ..وقد فتح الله عليها فانطلقت لتقول مالم تكن ستقوله هى ابدا ..بالرغم من معرفتها بكل ما سمعت الا انها ابدا لم تكن متحدثة جيدة تخطف العين وتملك الأذن ...تمنت كثيرا لو كانت بهذه الشخصية حين كانت فى نفس العمر ...فلطالما انشغلت باهتمامات الفتيات العادية ..ولم يشكل الدين عندها هذه الاهمية فى وقتها ..محجبة كانت تصلى وتصوم .ولكنها لم تفعل الكثير غير الروتين والعادى والمعتدل فى نظرها تلك الايام
انتبهت لتجد الترام وقفت فى محطة كليتها قديما
فتداعت ذكريات جميلة أخرى ...وتذكرت هذا الطريق ....
بكت فيه ذات مرة ...وضحكت مرات ..
فارقت فيه صديقة ... وتوطدت فيه صداقات
سرحت بخيالها مرة أخرى
مرت الترام بجانب مكان يحمل لها اهم ذكرى فى حياتها
ولكن نهارا ...يصعب التخيل .. فالمكان يبدو مختلفا كثيرا ليلا
عادت لتنصت لحديث الفتاة مبتسمة .. فيالحظ السيدة العجوز بها ...تعتقد هى انها ستغادر الترام بوجه غير الاول متمتمة بأدعية تهدىء البال وتزيل الكرب
نظرت الى وجهها لتجدها تنظر للفتاة بنفس تعبيرات الوجه ... لا تزال ناقمة على ابنها حزينة لحالها...حزنت هى ايضا كثيرا لحالها ...حقا يدنا فى الماء البارد ..من يعلم ما تعانيه المسكينة
فى هذه اللحظة ..وجدت السيدة تحرك يداها يمينا وشمالا والى اعلى تتمتم بكلمات ...فاذا بالترام تمر من امام الكنيسة..
نظرت الى الفتاة بجانبها..ونظرت اليها هى الاخرى ..فتبادلا الابتسامة هذه المرة ...تخشين ان تتسع
وتشير ابنتها الى عربة حمراء أخرى ...بابا
هذه المرة الترام عند محطة بيتها القديم.... بحثت بعينها عن رجل الصفارة ..هكذا اطلقت عليه ..حيث كان لا يروقه اطلاق صفارته للترام الا فى أذنها وهى تمر بجانبه... ..حاولت الا تسترق النظر الى الطريق المؤدى لبيتها القديم ..فقد لا تتمكن من حبس دموعها ..ان تذكرت هذا الطريق بالأخص ..تأخرت الترام فى قيامها هذه المرة ...حوار بين رجل صفارة اخر وبين الكمسارى ... القت عينها بعيدا ..ونظرت فى الاتجاه الاخر ..لتجد بائع النعناع الصباحى ..وقد انطلقت فى وجهه التجاعيد ..هذا اباه بلا شك ...يستحيل ان يشيخ هكذا فى هذه الفترة القصيرة ... ضحكت على نفسها تهكما هذه المرة ...قامت الترام مرة اخرى ..وقبل ان تبتعد ...نظرت فى سرعة وتحدى الى الطريق ..لم تمنع نفسها ..ولكنها منعت دمعتها
تجد انها يجب ان تستعد لمغادرة الترام ....قائلة فى نفسها ..حقا لم ولن امل يوما من ركوبها
استأذنت والقت السلام ... وردت عليها كلا من الفتاة والسيدة العجوز..
بنفس الرد ...غير انها سمعت" وبركاته" من الفتاة وحدها
حملت طفلتها ونزلت من الترام
وانتظرتها لتغادر تنظر لها . وكأنها قطارا يحمل غاليا مسافرا
ثم اكملت طريقها الى البيت
وهناك اشارت طفلتها مرة اخرى
بابا ..


عالم الداخل

طارق عميرة

عالَم الداخلفي رحلة في ترام الرمل
العمَل هذهِ المرّة تمّ اختياره لأنّه يتحدّث عن عالمٍ جميل طالمَا تمنيّت الكتابة عنه , عالمٌ مستقل بذاته وإن كانت الكآبة هي المسيطرة على جوانيهِ غالبًا ولكن روعة أفكاره وخصوبة أرضه لا تخفى على أيّ كاتب , هو داخل الترام أو القطَار أو المترو , تتشابه المجتمعَات باختلاف الأشخاص والمسافات وطبيعة الحديث اللذي غالبًا ما يتخذ طابع الشكَاوى , هناك الكثيرون ممن يكتمون أسرارهم ولكنهم يفتحونَ بابها على مصراعيه أمَام الغريب الأول خاصّة اذا كانوا يعتقدون بأنّهم لن يروه ثانيةً .

العنوان تقليدي للغاية ومعبر في الوقت ذاته , آلاف الأحداث تحدث في هذا الترام كلّ يوم , شباب يتعرّفون , أشخاص يحبسون ! , شكاوي صوتية بالآلاف , مشاجرات , خلاصة الوضع , هو مجتمع كامل بمجرد الدخول من باب الترام فقد دخلته ولا خروج منه إلا بالخروج , حتى حالة الشرود التي تنتاب معظم الروّاد سرعان ما تتبخّر اثرَ نظرات من راكب آخر أو حديث لافتٍ للانتباه .

هذهِ هي البيئة الخصبة التي اختارتها الكاتبة مسرحًا لأحداث قصتّها , الشرود فالصمت فالانعزال , شريط الأحلام الذي يدور حاملاً نشوة الألم اللذيذة المعتادة , الاندماج في مسار الترام ومتابعة العالم الخارجي بنظرة مختلفة من الداخل , نظرة لا يمكن القاءها الا من الترام !

لو سعينَا لاستيفاء اركان القصة بحثًا عن الزمَان فسنجد هنَا عددًا من الرموز , الرمز الأول هو الزمان الضائع الماضي المتمثل في ذكريَات البطلَة ومحطة كليتها وأهم مكان في حياتهَا والخ الخ , في اشارة واضحَة لسحر الأماكن المعتَاد المقترن بالذكريَات , الرمز الثاني هوَ الفساد المجتمعي الطافي بشكل رقيق جدًا في مسار الأحداث متمثلاً في فرحتها بالفتاة المتدينة و حزن الأم المقابلة لها .

الأخطاء الاملائية في العمل كثيرة وان كنت أعتقد انها ناجمة عن سرعة في الكتابة او اهمال من الكاتب لا جهلاً بهَا وان كانت لم تفسد الصورة الجمالية للعمَل المتمثلة في المسار الناعم للأحداث ففي كل الأحوال ومهما دارت الأحاديث تكون هناك لحظة نهاية معروفة بهبوط البطلة أو هبوط الآخر , وان كان الحديث قد صنعَ نوعًا من الألفة بين البلطلة والسيدة التي عقّها ابنهَا ", ربّما هو شعور بالشفقة حيالها الا انها انتابها الشعور النفسي بوجوب متابعة هذهِ الأم كعزيزٍ يمضي ربما تعاطفًا وربّمَا لشيء ما اثارته في نفس البطلة كخوف من مستقبل مماثل .

النهايَة جاءت أكثر من رائعَة , هذه البنت الصغيرة التي تجعل والدتهَا - البطلة تنتبه - من آن لآخر , هي الأمل الذي يتحدث منتظرًا من يدفع بهِ إلى غايته ويرعاهُ حتّى يكون يومًا ما .. شيئًا ما

العمَل رائعٌ ككلّ والأسلوب كذلك وان كنت أشعر بهروب الكاتبة في بعض الاحيان من اتمام بعض المواقف .

نقد آخر للناقد أحمد منتصر

اللغة في هذا العمل:
أخطاء الهمزات بالجملة: (اخرين): (آخرين).
(ابدا): (أبدا).
وهكذا.
أخطاء إملائية ونحوية عدة. أمثلة منها:
(سارت الترام): تأنيث الترام.
(غير طبيبعية): (غير طبيعية).
(نظرت فى سرعة وتحدى): (وتحدٍ).

الفكرة والمعالجة:
في هذه القصة البسيطة التقطت الكاتبة موقفا حياتيا يحدث لنا جميعا ووضعته في إطار وعظي ديني غير مباشر. الأم التي تغرق في ذكريات ساذجة مشغولة بها. تتعرف إلى عجوز قد عقها ابنها. بينما الفتاة الخيّرة في هذا العمل تقوم بدور الواعظة فتخفف من هول الرزية عن كاهل العجوز.
لعل الكاتبة قصدت بالترام الحياة بما فيها من ذكريات وأشخاص يائسة ومرحة.
تقنية إدخال كلمات الأغاني بين سطور العمل تقنية شديدة الجاذبية وتنقل فكر القارىء إلى عوالم سحرية لذيذة.

الأسلوب:
بسيط. شابته بعض الركاكة في رأيي. ولكنه مع الوقت والكتابة المستمرة سيتطور.

الخيال:
العمل واقعي.

العنوان:
تقليدي. ولكنه معبر عن الفكرة.

العاطفة:
لم تعبر الكاتبة عن عاطفة البطلة الأم بصورة معبرة تشدك.

إذن العمل جيد من وجهة نظري.
أحسن التعليقات
للمدونة
نص التعليق
أخى الكريم طارق
أهنئك على اختيارك هذه المرة أيضا ولا أستطيع أن أخفى سعادتى بأن القصة لكاتبة فالعنصر النسائى فى عالم التدوين أغلبية من الصعب تجاهلها ودائما ما تجد فى أعمالهن شيئا مختلفا
استطاعت الكاتبة ببراعة أن تحول مشهدا يوميا من مشاهد الحياة إلى رحلة عبر الزمن توقفت فيه عند ثلاث محطات رئيسية فهى تبدأ بالتحدث عن الواقع وكأنها تشير انه يكاد لا يتغير "سبحان الله...تكاد تجزم انها نفس الوجوه التى اعتادت رؤيتها"..وكأن حالهم لا يتغير ورحلتهم كذلك ثم هى تنتقل بك الى أحلام المستقبل.. ان يصبح لديها سيارة سبور وهى تحاول تحقيق الحلم بطريقة بسيطة تسعدها ولكن حتى هذه الطريقة لا تأتى لها دائما بما تتمنى فألوان السيارات التى تتوقف عندها ليست هى الالوان التى تريدها فتنتقل معها من الشعور بالسعادة لان السيارة اسبور الى الاحباط الذى ينتابها عندما يكون اللون مختلفا
ثم تنتقل الى المحطة الثالثة.. إلى الماضى الجميل متمثلا فى أغنية قديمة أنا شخصيا كنت لا اعرفها واعتقد ان الجيل الحالى ايضا لا يعرفها ولعلها انتقتها لأنها تعبر عن أيام كان يجمع الأمة حلما وهدفا مشتركا او لان القضية الفلسطينية ما زالت لم تنتهى ولم يعد أحد يتحدث عن البندقية بل أصبح الكلام عن سلام يشبه الاستسلام
تعيدنا السيدة العجوز إلى الواقع مرة أخرى عندما تنطلق بدون مقدمات لتحكى همومها وتشعر عند هذه النقطة بأن حضور الكاتبة قد طغى على حضور بطلة القصة فقد جاء هذا الجزء ليتحدث إلى حد ما بطريقة مباشرة وربما التمس لها بعض العذر فى انها أرادت أن تقول شيئا من خلال القصة تنصف به المختمرات ولكن المباشرة احيانا تكون ضد العمل لا معه
ثم يأتى أكثر الأجزاء إمتاعا حينما تأخذك عبر الترام للتوقف معها عند محطات حياتها المختلفة وأحيانا قد تنفصل عنها لتستعيد محطاتك الخاصة
وقد توقفت البطلة عند كل محطة بمشاعر مختلفة وجعلتنا نتفاعل معها ولكن جاء ذكر الكنيسة هنا مرة أخرى بلا داع وبدا مقحما فى القصة وأيضا استمرارها فى إبداء ملاحظتها على الفتاة المختمرة حتى النهاية بدا أيضا وكأنه متعمد ومباشر أكثر من اللازم "غير انها سمعت" وبركاته" من الفتاة
أحيى جنى على قصتها الجميلة الرقيقة وأرجو منها أن تتوقف لتراجع الأخطاء اللغوية التى كان من السهل تلافيها والتى تجعلك أحيانا تتوقف عن القراءة عندما تصدم بها
فى النهاية يا جنى اختيار القصة للنقد هو تعبيرا عن قيمتها وعن موهبتك ..أتمنى لك التوفيق
أحييك أخى طارق على نقدك الذى كان ممتعا وكذلك أحيى الأخ أحمد منتصر فقد استفدت كثيرا من نقده الموجز المكثف
تحياتى