Friday, July 11, 2008

قصّتَان



السلام عليكم


مرحبًا يا رفاق , حابب أن أرحب بالسادة القراء أولاً وأكرر أن هذه - على حد علمي - أول مدونة وموقع عربي متخصص في النقد ومعي اليومَ عملان , أحدهما كنت قد رشحته لتميزه وهو لصديق يدعى أحمد عبد الفتاح من القاهرة من جيل الشباب الجامعي أيضًا والآخر هو قصة للمدون ابن حجر العسقلاني , الموضوع المقبل سيكون قراءة في المجموعة القصصية نادمًا خرج القط للشاب الواعد الموهوب أيضًا أحمد صبري غباشي فإلى الأعمال


أفعال معتادة




لكن ابليس – ذلك اللعين – لا يتركه على حال،فبعد استنكاره واستغفاره من خواطره السابقه.. يعود فيقول لنفسه: لكن الله هو من خلق لك تلك الغريزة التى تلتهب مع أبسط احتكاك، فكيف سمح بكل تلك الضغوط والاحتكاكات التى تثقل كاهلها كلما كنت فى الشارع.


- أستغفر الله العظيم


** ** **


يقول الشيخ: الجنس كالطاقة النووية، اذا استخدم فى المكان الذى أراده الله له؛ كان فى ذلك عمار الأرض وصلاحها واذا ضيع واستهتر به كان فى ذلك الخراب..


** ** **


إنه فى الخامسة والعشرين من عمره.. دبلوم صنايع.. عاطل عن العمل حاليا ثم – كما نعرف – مستقبلاً..لذا..


يمكننا ببساطة - تخيل ما يمكنه فعله فى يومه الطويل الممل المكرر بعناد..


القهوة، الناصية، الأتوبيس (ليس باعتباره وسيلة مواصلات) ورغم مايسببه ذلك من مشاكل كثيرة مع الناس والأهل والطهارة التى يحرص عليها كأكثر ما يكون لأنه يصلى..!


و ( هو ) لا يجد حلاً لذلك التناقض، لكنه يؤكد لنفسه أن الصلاة هى ما منعه من الوقوع فى الخطيئة التى وقع فيها الكثيرون غيره.. الخطيئة التى أصبحت أكثر سهولة من ركوب الأتوبيس..!


والغد المخادع - أبدا - لا يفى بوعوده..دائما ما يمنيه..


ويستمنيه..


غدًا سأجد عملا، وشقة، ثم - وهذا هو الأهم - سأجد عروسة.. ماذا سأفعل معها فى ليلة الزفاف؟!


الغد يأتى ولا يفى بوعوده فلا عمل -الا باليومية - ولا شقة وبالتالى - ياللكارثة - لا عروسة.


** ** **


وأبوه يعلم..ربما يعذره كذلك..يقول له بلهجة لوم:


أه لو كنت فلحت زى ابن عمك اللى خلص طب..!


يصمت قليلاً ثم يسأل:


الا صحيح.. هو بيعمل ايه دلوقتى؟


بياخد الأتوبيس اللى بعدى.-


فيصمت أباه خجلا..ثم يضحك (هو) تلك الضحكة التى تشى بصدر أنهكته السجائر، وقضى عليه الدخان الأزرق..- يذهب الى حجرته للبكاء أو الاستلقاء على السرير وتلقى ضربات سياط الأمل الكاذب ثم ينام استعدادا لسهرة جديدة.


** ** **


يقول الشيخ: "من استطاع الباءة منكم فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء" لكن (هو) لم يكن هناك ليسمع.. لقد


قرر إنهاء حياته عديمة النفع.


** ** **


تمت بحمد الله




قراءة في أفعال معتادة


طارق عميرة


في الحقيقة هذهِ هي المرّة الرابعة التي أغيّر فيها هذا النقد على نفس الموضوع , لأن الموضوع ليسَ مجرّد قصة تحتاج إلى نقد , العمَل لا يحتاج إلى نقد كقصّة بل هوَ على درجةٍ كبيرَة من الحرفيّة والمهارَة ولكنّ العمَل يناقش جزءًا هامًا صارخًا من مشاكلنا كمجتمع مسلم او عربي أو شبابي !


الكبت كما يسميه البعض وبقية المشاكل كما يسميها الشعب , آراء ووجهات النظر العادية للشخص الآدمي في نقطة الجنس وزيادة عليها معرفة الأب وراي الشيخ كتحديد دقيق لحجم المشكلة وحلها وصعوبته !


الأب كذلك يعرف السبب ,, السبب هو الفراغ , وهو يتحدث بمفهومه القديم عن أن الأطباء متفوقين دائمًا وطالب الطب ثري المستقبل لأنه مجرد طالب ولكن اجابة الابن جاءت بمثابة الصدْمة ليواجه الواقع : لقد صار الجميع سواء !


- بيركب الاتوبيس اللي بعدي !


صدمة القاريء كانت في النهاية , لا أحد يستطيع الباءة وقد ترجمها الشاب بالانتحار وهو ما بدَا لي غير مفهوم في القصة , هو يترك الزنا ولكنه يلقي بنفسه في جهنم !


يعني أن الجنس لم يكن قضيته الرئيسية , من العسير أن يتركه من أجل الدين ثم ينتحر , ولكنّه كان أحد عوامل أخرى بالتأكيد نعيشها جميعًا ولا يمنعنا عن الانتحار الا الامل بلا شيء آخر , هذا رايي في العمل ببساطة وإن كان هدقي من نشره هو قراءة الزوار للقصة ذاتها .. بتأمل !


نقد للعمل


أحمد منتصر


غلطات الهمزات كالعادة بالجملة. الجميل أني كمصحح لغوي يخالجني شعوران متناغمان إزاء هذه الظاهرة لدى الكتاب الشباب: السخط بسبب عدم الإتقان. والاستغلال فكلما أخطأتم أيها الهواة اشتغلت أنا وكسبت رزقي!.
(سأجد عروسة): الفصحى (عروس) والتي تصلح للذكر والأنثى في آن. ولكن (عروسة) درجت على الألسن والأسطر حتى كادت أن تكون عربية.

أسلوب الراوي (أنا) أحسن الكاتب باستخدامه. من سماته التأثر بكلام الشخصية الراوية بسهولة بعكس إن كان الراوي هو الراوي العليم. السرد لين وسهل ومشوّق. هناك ومضات كوميدية سوداوية أضحكتني. هناك لعب في اللغة (يمنيه..ويستمنيه). (سياط الأمل الكاذب) وغيرها. العمل واقعي.

على قِصر العمل والذي جاء متناغما مع بساطة الفكرة التقليدية أجاد الكاتب في إيصال رسالته إلى المشائخ وأصحاب العمائم. ما تقولونه لم يعد مناسبا للواقع. أين الشاب الفرفور (لفظة فصحى تنطق بضم الفاءين وتعني الشاب الصغير وأعني بها هنا الشاب المستهتر) الذي بمقدوره الزواج بمهر قليل. بغرفة ضيقة بلا ثلاجة ولا غسالة ولا مروحة. امرأته زاهدة في متاع الدنيا ولا تنقم على حالها المأزوم؟. أيمارس الجنس؟. أم يصوم؟. اختصر طريقه بنفسه وفضل الانتحار!. ذلك أن الرغبة الجنسية تقع في أعلى مراتب الحاجات الإنسانية خصوصا عند الشباب. ومن يقرأ لفرويد يفاجأ بكمّ التحليلات النفسية لتصرفات لذيذة مرجعها الرغبة الجنسية.

الفِقرة الأخيرة جاء سردها بأسلوب الراوي العليم وخيرًا فعل الكاتب فالبطل قد انتحر وعندئذ تدخل الراوي العليم ليختم العمل.

عاطفة الشاب المكبوت عبر عنها الكاتب جيدا جدا.

العنوان جيد.

إذن العمل جيد جدا.




__________________________________________




العمل الثاني


الأحجار




ذات صباح خرج من بيته نشيطا سائرا فى طريقه المعتاد. جذب انتباهه حجر غريب ملقى على الأرض فأسرع و التقطه. ظل يتأمله معجبا بشكله المتناسق فاحتفظ به و سار مكملا طريقه. لم يلبث أن وجد حجرا آخرا فأعجب به أيضا. سارع و حمله الى جانب الآخر. ظل يسير على طريقه بعض الوقت حتى التفت الى حجر أجمل مما يحمل بل و أكبر أيضا. تأمله لفترة ثم حمله بجانب السابقين و سار و هو سعيد. توالت فى طريقه الأحجار الغريبة و الجذابة, الكبيرة و الصغيرة.


حدثته نفسه بأن هذا يوم سعده فقد حملها كلها بين يديه و سار بها متمهلا لئلا يسقط منها حجر واحد. عدة خطوات أخر و صادفه حجر آخر أكبر و أجمل و تمنى لو حمله بجانب باقى الأحجار و لكنه لم يجد فراغا على ذراعيه ليحمله, فسارع إلى خرقة بالية كانت ملقاة على جانب الطريق فاستعملها لحمل الأحجار مضافا إليها الحجر الجديد. زادت سعادته حينما وجد كومة من الأحجار التى لم ير لها مثيلا من قبل ملقاة على جانب الطريق فلم يتردد فى حملها إلى جانب ما سبقها فى ما تبقى من فراغ فى خرقته البالية. حدثته نفسه بأنه يجب أن يحصل على جوال مناسب يمكنه من حمل أحجاره بشكل سليم, فقد سقطت منه عدة أحجار أثناء سيره حتى مع تباطؤه فى السير و بذل مجهودا مضاعفا ليستعيدها مرة أخرى. يالحظه! فها هو السوق, يمكنه الآن شراء جوال كبير. تمكن بالفعل من الحصول على واحد متسع بحبل طويل ليحمله على ظهره. أفرغ فيه كل ما جمع من أحجار.


فبدون هذا الجوال ما كان ليتمكن من حمل الحجر الجديد الذى صادفه أثناء خروجه من السوق, و لما استطاع حمل الحجرين المتماثلين الضخمين الذين لاقاهما بعد عدة خطوات, و لا الكومة الأخرى من الأحجار المتداخلة التى أذهلته و هى ملقاة على جانب الطريق, و لا استطاع حمل الحجر الهندسى الشكل الذى استعان بأحد المارة لحمله عليه. فقد بدأت الحمولة تثقل عليه مرغمة إياه تباطؤا على تباطئه, و انحناءا على انحنائه. فقد كاد انحناء ظهره و انخفاض جبهته أن يلهياه عن ذلك الحجر الملون الملقى إلى جانب الطريق و الذى ظل يتأمله وقتا طويلا تحت وطأة الحمولة الثقيلة انتظارا لأحدهم حتى يحمله عليه. لم يهتم بالآثار الشديدة التى تركها الحبل على يديه جراء الحمولة الثقيلة التى على ظهره. فقد بدأ الحبل فى التمزق و الانفلات فانتابه رعب شديد من سقوط هذه الحمولة على الأرض, فقد كانت بالنسبة له أقيم من أن يدعها على الأرض و لو للحظة.


أسرع قدر استطاعته إلى أحد الحدادين القريبين منه و استبدل ببقايا الحبل سلسلة حديدية باذلا مجهودا خارقا ألا تلمس حمولته الأرض.


حالة السعادة التى كان عليها إثر إضافة الحجر الشفاف الضخم الذى وجده بعد خروجه من عند الحداد إلى مجموعته أنسته أنين مفاصله التى كان صراخها قادر على نفض خلايا مخه نفضا. انتصف النهار و تربعت الشمس الحارقة فى وسط السماء, و لكنها لم تفلح فى اختراق حالة النشوى التى اعترته بعد ما ألقى أحد المارة بحجر ثقيل على حمولته استجابة لرجاءاته و توسلاته لإضافة هذا الحجر إلى مجموعته فقد استعجب ذلك الرجل لمشهد الجوال الضخم المشدود بالسلاسل إلى شخص يئن تحته و لا يكاد يستطيع أن يرفع قدما ليخطو خطوة. استحسن من نفسه أنه كان قد تخلص من نعله بعد إضافة مجموعة من الأحجار كان قد صادفها منذ لحظات فقد كان عليه أن يخوض فى صحراء نهاية المدينة ليحصل على ذلك الحجر الذى يكاد يضىء تحت ضوء الشمس.


فقد كانت قدمه العارية تغوص فى الرمال مع كل خطوة يخطوها و يبذل مجهودا مضاعفا ليرفع قدمه المغروسة فى الرمال.


و لما وصل إلى الحجر ظل واقفا فى هذه الصحراء حتى قاربت الشمس على المغيب لعل أحدهم أن يأتى فيساعده على حمل هذا الحجر إلى مجموعته. وصل أحد البدو فساعده على إضافة الحجر حيث يريد بعد أن اعتلى البدوى ظهر الجمل الذى كان يركبه ليتمكن من تثبيت الحجر الجديد حتى لا يقع بسهولة جراء الاهتزاز العنيف الناشئ عن خطواته المتهالكة.


كان عليه أن يخوض الرمال عائدا إلى المدينة التى عاد إلى طريقها الصلب و كان القمر قد توسط السماء. لم يلبث أن انعطف فى أحد الطرق بعد مجهود جبارليحول دون سقوط الحمل من على ظهره حتى وجد بركة من مياه تسربت من أحد المنازل و قد ألقى فيها بحجر لم ير له مثيل. فقد جن جنونه, و خاض البركة منتظرا أحدهم ليحمل عليه الحجر إلى جانب مجموعته.


انتظر كثيرا, فقد أمسى لا يتمكن من النداء بصوت عال ليستدعى أحد سكان المنزل حتى يخرج إليه. ظل منتظرا طويلا حتى كادت عظامه أن تنهار تحت وطأة الحمل الرهيب, و لكن مشهد الحجر وسط بركة المياه أطار صوابه. و لم يلبث أن قطع حبل تأملاته رجل خرج لتوه من المنزل, فطلب منه أن يحمل عليه ذلك الحجر.


و بعد سيل من توسلاته و استغراب صاحب المنزل استجاب أخيرا. فحمل الحجر بين يديه و اعتلى سطح منزله ليتمكن من إضافة الحجر على قمة مجموعة الأحجار التى انتظر صاحبها بفارغ الصبر وضعه على ظهره. و لم يكد الحجر أن يوضع على ظهره حتى اضطرب جسده اضطرابا شديدا, و ارتعدت فرائصه, و اهتزت قوائمه بشدة. و فجأة انهارت مقاومة جسده و سقط الحمل عليه و انسحق تحته.


السبت الحادى و العشرون من أكتوبر2006


الحادية عشرة ليلا


ليلة التاسع و العشرين من رمضان 1427




نقد العمل


أحمد منتصر


(ذات صباح): بداية السرد تقليدية للغاية مثل (كان يا زمان).
بالنسبة للغلطات اللغوية فهناك غلطات الهمزات كنقص همزة (إلى) تكررت هذه الغلطة.
و(وجد حجرا آخرا): (آخر) ممنوع من الصرف.
(جانب الآخر): ركاكة بلاغية.
(خطوات أخر): (أخرى) لأن (خطوات) مؤنث.
(حتى مع تباطؤه): (تباطئه) حيث سبقتها أداة جر.
(انحناءا): (انحناءً) لا نزيد ألفا بعد الهمزة عند الصرف بالنصب إلا في الكلمات غير الممدودة المنتهية بهمزة كـ(بدء) و(جزء) فتصيران (بدءًا) و(جزءًا).
(كان صراخها قادر): (قادرًا).
(لعل أحدهم أن يأتى): (أن) زائدة. ركاكة بلاغية.
الغلطات الإملائية لم أنبه عليها. فإن سئلت عن غلطات الهمزات قلت إنها غلطات مركبة: إملائية ونحوية.

في الحديث: (إياكم ومُحْقِرات الذنوب..) حيث إنها تتراكم على صاحبها وتلقيه في النار. لعل الكاتب بنى على هذا الحديث عمله الفني.

أسلوب السرد غلبت عليه التقريرية وإن كان قد تخللته بعض التصاوير كـ(تربعت الشمس). بيد أنها تصاوير تقليدية ليست بجديدة.

تسيطر على قارىء العمل حالة من الكآبة تتصاعد كلما حمل الرجل المغبون حِملا جديدا إلى حمله. والتوقع الوحيد للنهاية أنه سينوء بحمله ويُسحق من أسَفٍ. وقد كان. لذا فلقد وجب على الكاتب الاختصار في الأحداث قدر الإمكان بيد أن النهاية مفهومة كيلا يمل القارىء وهو ما فعله. أو إطالة الأحداث والختم بخاتمة مفاجئة وهو ما لم يفعله.

العاطفة: لم يعبر الكاتب عن عاطفة الرجل بصورة جيدة. بل ركز على وصف الأحجار.

الخيال في العمل:
في فكرة العمل خيال مأساوي رجيم. فالرجل المولع بجمع الحجارة مغبون في هوايته المجنونة. فلقد جرى العرف على أنه لا أحد يجمع الحجارة بيد أن لا جمال فيها وإن تحوّرت وتكوّرت. كما أن ملمسها غليظ شديد قاس. وإن كان الكاتب هنا قد وقع في غلطة هواة في الفكرة ألا وهي إن كان الرجل مغرم بجمع الحجارة إلى هذا الحد فكيف تراه نجا فيما سبق من حياته قبل لحظة السرد؟ كيف كان يجمع الحجارة فيما مضى؟ وهل كان يجمعها بلا حساب بحيث ينسحق في أية لحظة تحت وطأة الثقل المهلك؟.
الأحجار هنا هي كل صغير تافه مبهر للوهلة الأولى، لا ينبغي البحث عنه، ولا التمهل عنده، ولا التقدم إليه. ففي جمعه الهلاك. وفي تركه الفلاح. بطريقة غير مباشرة يشير لنا الكاتب إلى عدم الانشغال بالسفاسف ذلك أنها مضيعة للوقت فالرجل في العمل قضى يومه يجمع الأحجار. مدعاة للمرض فالرجل في هذا العمل إن كان يفعل كل يوم ما قرأناه فإنه غير مكترث بجسده يمرضه.

العنوان: جيد وإن شابته التقليدية.

إذن العمل جيد.






Wednesday, June 25, 2008

في ترام الرمل .. جنى

العمل الثاني هو قصة بعنوان في ترام الرمل للمدونة جنى بفتح النون والألف المقصورة وقبل عرض العمل أحب أن أنوه أن العمل القادم سيكون في اليوم الأول من الشهر المقبل وهو لكاتب شاب متحمس اسمه أحمد عبد الفتّاح .. الى العمل

رحلة في ترام الرمل



خرجت من بناية عالية ... تحمل يد طفلتها فى يدها.. تشعر بسعادة عارمة ...اخيرا ستستقل ترام الرمل... يااااااه ..مرت فترة طويلة دون ان تركب الترام ..لو استطاعت ان تقضى مشوارها هذا حين ذهابها اليه ايضا بالترام لفعلت ولكنها تأخرت كثيرا عن موعدها فاضطرت الى ركوب تاكسى ..ولكنها الان تملك الوقت للعودة بها
ذهبت الى المحطة ..ووقفت تختار من بين ثلاث عربات يهموا بالقيام ..اختارت اقلهم ازدحاما .. حيث لا تصل الى اخر الطريق ....واتجهت اليها تحمل طفلتها لتجلس فى مقعد من وسط اربعة فارغين تماما ...فاتخذته بجانب النافذة كما اعتادت قديما .. وقبل ان يهم السائق بالقيام ..ركبت سيدة عجوز ...واختارت المقعد المواجه ..تعجبت حيث المقاعد الفارغة كثيرة ..ولكنها انتويت ان تستمتع بكل لحظة فى طريقها ..فلا تضيع ثوان فى تساؤلات تافهة
سارت الترام فى سلام .وبدأت هى فى تذكر صوت الترام على القضبان ..وانتظام طرق العجلات فى مسارها وكيف كان يجعلها ذلك تسرح فى واجهات المحلات والبنايات بل والوان السيارات المارة بجانبها
نظرت حولها لتجد اخرين اتخذوا مقاعد مجاورة
سبحان الله...تكاد تجزم انها نفس الوجوه التى اعتادت رؤيتها من سنين
نساء عائدات من وظائفهن
امرأة عجوز ...فضولها يقتلها لمعرفة عما يتحدثن
ام تنهر ولدها لانه الح فى شراء فشار وايس كريم ..وله ان يختار واحدة فقط
طالبات جامعة ..ذكروها بايام جميلة فابتسمت ..ثم احست بأن فترة من الزمن قد فاتت وانقضت فلوحت وجهها عنهم
هذه الوجوه ان اهتمت لها اكثر من ذلك ستضيع عليها فرصة رائعة لممارسة واحدة من الاعيبها القديمة
عليها ان تعد خمس سيارات ثم تنظر الى السادسة لتكون سيارة المستقبل
فتفرح حين يقع النصيب على عربية سبور
وتنزعج حين تجدها 127 او قردة مثلا
كان هذا قديما
ولكنها ما أن بدأت الا وقد وجدت كل السيارات سبور كما تمنت ..ولكنها ليست الوانها المفضلة
وجدت نفسها تتمتم بكلمات اغنية لام كلثوم
فاطلقت العنان لنفسها وترنمت بجمل اعجبتها فى اغنية .".اصبح عندى الان بندقية"
تنظر لها ابنتها وتبتسم ..وتشير الى عربة حمراء ..قائلة بابا
تربت على ظهرها ضاحكة ..وتسند رأسها اليها
ثم تعاود الغناء فى داخلها
لتجد نفسها تتمايل وكأنها تحمل مايك ومتأثرة عند جملة
عشرين عاما وانا ابحث عن أرض وعن هوية
وقد انعقد حاجباها تأثرا
فتستفيق لتجد السيدة العجوز أمامها تنظر لها فى فضول قاتل
يا خبر ابيض قالت لنفسها .. ستظننى مجنونة
فأكملت بعض الكلمات فتهدأ معها تقاسيم وجهها .. حتى يبدو طبيعيا للسيدة العجوز
ابحث عن طفولتى ..وعن رفاق حارتى
عن كتبى ..عن صورى ... عن تيرارار...لم تستطع تفسير هذه الكلمة من قبل
ولا تزال السيدة تنظر لها شذرا....ثم خرجت عن صمتها فجأة قائلة
ابنى مجننى كده ...خلانى ماشية اكلم نفسى فى الشارع
خير...رائع .... هى تأكدت الآن انى غير طبيبعية
فأكملت السيدة ذات الايشارب الذى يلف وجهها وان لم ينجح فى اخفاء خصلات شعرها البيضاء
لما بيتجوزوا ...بينسوا امهم وابوهم ...ويلزقوا كده جنب مراتتهم..يمين ..حاضر ...شمال ..حاضر
انتبهت هى لها ..فالسيدة تحمل عبئا ثقيلا وتحتاج للفضفضة
اكملت السيدة باختصار وكانها ملت من تكرار هذا الحديث لآخرين يسبقونها
اعتدلت هى فى مقعدها ..وقالت لها ابن حضرتك ميقدرش يستغنى عنك ..هو بس بيدلع عليكم .. وحاولت ان تتذكر ما يقال فى هذه المواقف .. فقالت لها ان تهدأ وان تتذكر دعاء فك الكرب ..وان تكثر من لا اله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين .والا تحاول الضغط عليه ..بل عليها ان تتحدث معه بروية وان السياسة فى مثل هذه الامور تعطى نتائج أفضل ....فدخلت فتاة بجانبها فى الحديث دون دعوة ...تعجبت هى فى بادىء الامر..ولكنها نظرت اليها فوجدتها ملائكية الوجه ذات خمار يلفها ..فابتسمت لها ..فلكم تحب هؤلاء الفتيات المختمرات
بدأت الفتاة فى الحديث ..وقد فتح الله عليها فانطلقت لتقول مالم تكن ستقوله هى ابدا ..بالرغم من معرفتها بكل ما سمعت الا انها ابدا لم تكن متحدثة جيدة تخطف العين وتملك الأذن ...تمنت كثيرا لو كانت بهذه الشخصية حين كانت فى نفس العمر ...فلطالما انشغلت باهتمامات الفتيات العادية ..ولم يشكل الدين عندها هذه الاهمية فى وقتها ..محجبة كانت تصلى وتصوم .ولكنها لم تفعل الكثير غير الروتين والعادى والمعتدل فى نظرها تلك الايام
انتبهت لتجد الترام وقفت فى محطة كليتها قديما
فتداعت ذكريات جميلة أخرى ...وتذكرت هذا الطريق ....
بكت فيه ذات مرة ...وضحكت مرات ..
فارقت فيه صديقة ... وتوطدت فيه صداقات
سرحت بخيالها مرة أخرى
مرت الترام بجانب مكان يحمل لها اهم ذكرى فى حياتها
ولكن نهارا ...يصعب التخيل .. فالمكان يبدو مختلفا كثيرا ليلا
عادت لتنصت لحديث الفتاة مبتسمة .. فيالحظ السيدة العجوز بها ...تعتقد هى انها ستغادر الترام بوجه غير الاول متمتمة بأدعية تهدىء البال وتزيل الكرب
نظرت الى وجهها لتجدها تنظر للفتاة بنفس تعبيرات الوجه ... لا تزال ناقمة على ابنها حزينة لحالها...حزنت هى ايضا كثيرا لحالها ...حقا يدنا فى الماء البارد ..من يعلم ما تعانيه المسكينة
فى هذه اللحظة ..وجدت السيدة تحرك يداها يمينا وشمالا والى اعلى تتمتم بكلمات ...فاذا بالترام تمر من امام الكنيسة..
نظرت الى الفتاة بجانبها..ونظرت اليها هى الاخرى ..فتبادلا الابتسامة هذه المرة ...تخشين ان تتسع
وتشير ابنتها الى عربة حمراء أخرى ...بابا
هذه المرة الترام عند محطة بيتها القديم.... بحثت بعينها عن رجل الصفارة ..هكذا اطلقت عليه ..حيث كان لا يروقه اطلاق صفارته للترام الا فى أذنها وهى تمر بجانبه... ..حاولت الا تسترق النظر الى الطريق المؤدى لبيتها القديم ..فقد لا تتمكن من حبس دموعها ..ان تذكرت هذا الطريق بالأخص ..تأخرت الترام فى قيامها هذه المرة ...حوار بين رجل صفارة اخر وبين الكمسارى ... القت عينها بعيدا ..ونظرت فى الاتجاه الاخر ..لتجد بائع النعناع الصباحى ..وقد انطلقت فى وجهه التجاعيد ..هذا اباه بلا شك ...يستحيل ان يشيخ هكذا فى هذه الفترة القصيرة ... ضحكت على نفسها تهكما هذه المرة ...قامت الترام مرة اخرى ..وقبل ان تبتعد ...نظرت فى سرعة وتحدى الى الطريق ..لم تمنع نفسها ..ولكنها منعت دمعتها
تجد انها يجب ان تستعد لمغادرة الترام ....قائلة فى نفسها ..حقا لم ولن امل يوما من ركوبها
استأذنت والقت السلام ... وردت عليها كلا من الفتاة والسيدة العجوز..
بنفس الرد ...غير انها سمعت" وبركاته" من الفتاة وحدها
حملت طفلتها ونزلت من الترام
وانتظرتها لتغادر تنظر لها . وكأنها قطارا يحمل غاليا مسافرا
ثم اكملت طريقها الى البيت
وهناك اشارت طفلتها مرة اخرى
بابا ..


عالم الداخل

طارق عميرة

عالَم الداخلفي رحلة في ترام الرمل
العمَل هذهِ المرّة تمّ اختياره لأنّه يتحدّث عن عالمٍ جميل طالمَا تمنيّت الكتابة عنه , عالمٌ مستقل بذاته وإن كانت الكآبة هي المسيطرة على جوانيهِ غالبًا ولكن روعة أفكاره وخصوبة أرضه لا تخفى على أيّ كاتب , هو داخل الترام أو القطَار أو المترو , تتشابه المجتمعَات باختلاف الأشخاص والمسافات وطبيعة الحديث اللذي غالبًا ما يتخذ طابع الشكَاوى , هناك الكثيرون ممن يكتمون أسرارهم ولكنهم يفتحونَ بابها على مصراعيه أمَام الغريب الأول خاصّة اذا كانوا يعتقدون بأنّهم لن يروه ثانيةً .

العنوان تقليدي للغاية ومعبر في الوقت ذاته , آلاف الأحداث تحدث في هذا الترام كلّ يوم , شباب يتعرّفون , أشخاص يحبسون ! , شكاوي صوتية بالآلاف , مشاجرات , خلاصة الوضع , هو مجتمع كامل بمجرد الدخول من باب الترام فقد دخلته ولا خروج منه إلا بالخروج , حتى حالة الشرود التي تنتاب معظم الروّاد سرعان ما تتبخّر اثرَ نظرات من راكب آخر أو حديث لافتٍ للانتباه .

هذهِ هي البيئة الخصبة التي اختارتها الكاتبة مسرحًا لأحداث قصتّها , الشرود فالصمت فالانعزال , شريط الأحلام الذي يدور حاملاً نشوة الألم اللذيذة المعتادة , الاندماج في مسار الترام ومتابعة العالم الخارجي بنظرة مختلفة من الداخل , نظرة لا يمكن القاءها الا من الترام !

لو سعينَا لاستيفاء اركان القصة بحثًا عن الزمَان فسنجد هنَا عددًا من الرموز , الرمز الأول هو الزمان الضائع الماضي المتمثل في ذكريَات البطلَة ومحطة كليتها وأهم مكان في حياتهَا والخ الخ , في اشارة واضحَة لسحر الأماكن المعتَاد المقترن بالذكريَات , الرمز الثاني هوَ الفساد المجتمعي الطافي بشكل رقيق جدًا في مسار الأحداث متمثلاً في فرحتها بالفتاة المتدينة و حزن الأم المقابلة لها .

الأخطاء الاملائية في العمل كثيرة وان كنت أعتقد انها ناجمة عن سرعة في الكتابة او اهمال من الكاتب لا جهلاً بهَا وان كانت لم تفسد الصورة الجمالية للعمَل المتمثلة في المسار الناعم للأحداث ففي كل الأحوال ومهما دارت الأحاديث تكون هناك لحظة نهاية معروفة بهبوط البطلة أو هبوط الآخر , وان كان الحديث قد صنعَ نوعًا من الألفة بين البلطلة والسيدة التي عقّها ابنهَا ", ربّما هو شعور بالشفقة حيالها الا انها انتابها الشعور النفسي بوجوب متابعة هذهِ الأم كعزيزٍ يمضي ربما تعاطفًا وربّمَا لشيء ما اثارته في نفس البطلة كخوف من مستقبل مماثل .

النهايَة جاءت أكثر من رائعَة , هذه البنت الصغيرة التي تجعل والدتهَا - البطلة تنتبه - من آن لآخر , هي الأمل الذي يتحدث منتظرًا من يدفع بهِ إلى غايته ويرعاهُ حتّى يكون يومًا ما .. شيئًا ما

العمَل رائعٌ ككلّ والأسلوب كذلك وان كنت أشعر بهروب الكاتبة في بعض الاحيان من اتمام بعض المواقف .

نقد آخر للناقد أحمد منتصر

اللغة في هذا العمل:
أخطاء الهمزات بالجملة: (اخرين): (آخرين).
(ابدا): (أبدا).
وهكذا.
أخطاء إملائية ونحوية عدة. أمثلة منها:
(سارت الترام): تأنيث الترام.
(غير طبيبعية): (غير طبيعية).
(نظرت فى سرعة وتحدى): (وتحدٍ).

الفكرة والمعالجة:
في هذه القصة البسيطة التقطت الكاتبة موقفا حياتيا يحدث لنا جميعا ووضعته في إطار وعظي ديني غير مباشر. الأم التي تغرق في ذكريات ساذجة مشغولة بها. تتعرف إلى عجوز قد عقها ابنها. بينما الفتاة الخيّرة في هذا العمل تقوم بدور الواعظة فتخفف من هول الرزية عن كاهل العجوز.
لعل الكاتبة قصدت بالترام الحياة بما فيها من ذكريات وأشخاص يائسة ومرحة.
تقنية إدخال كلمات الأغاني بين سطور العمل تقنية شديدة الجاذبية وتنقل فكر القارىء إلى عوالم سحرية لذيذة.

الأسلوب:
بسيط. شابته بعض الركاكة في رأيي. ولكنه مع الوقت والكتابة المستمرة سيتطور.

الخيال:
العمل واقعي.

العنوان:
تقليدي. ولكنه معبر عن الفكرة.

العاطفة:
لم تعبر الكاتبة عن عاطفة البطلة الأم بصورة معبرة تشدك.

إذن العمل جيد من وجهة نظري.
أحسن التعليقات
للمدونة
نص التعليق
أخى الكريم طارق
أهنئك على اختيارك هذه المرة أيضا ولا أستطيع أن أخفى سعادتى بأن القصة لكاتبة فالعنصر النسائى فى عالم التدوين أغلبية من الصعب تجاهلها ودائما ما تجد فى أعمالهن شيئا مختلفا
استطاعت الكاتبة ببراعة أن تحول مشهدا يوميا من مشاهد الحياة إلى رحلة عبر الزمن توقفت فيه عند ثلاث محطات رئيسية فهى تبدأ بالتحدث عن الواقع وكأنها تشير انه يكاد لا يتغير "سبحان الله...تكاد تجزم انها نفس الوجوه التى اعتادت رؤيتها"..وكأن حالهم لا يتغير ورحلتهم كذلك ثم هى تنتقل بك الى أحلام المستقبل.. ان يصبح لديها سيارة سبور وهى تحاول تحقيق الحلم بطريقة بسيطة تسعدها ولكن حتى هذه الطريقة لا تأتى لها دائما بما تتمنى فألوان السيارات التى تتوقف عندها ليست هى الالوان التى تريدها فتنتقل معها من الشعور بالسعادة لان السيارة اسبور الى الاحباط الذى ينتابها عندما يكون اللون مختلفا
ثم تنتقل الى المحطة الثالثة.. إلى الماضى الجميل متمثلا فى أغنية قديمة أنا شخصيا كنت لا اعرفها واعتقد ان الجيل الحالى ايضا لا يعرفها ولعلها انتقتها لأنها تعبر عن أيام كان يجمع الأمة حلما وهدفا مشتركا او لان القضية الفلسطينية ما زالت لم تنتهى ولم يعد أحد يتحدث عن البندقية بل أصبح الكلام عن سلام يشبه الاستسلام
تعيدنا السيدة العجوز إلى الواقع مرة أخرى عندما تنطلق بدون مقدمات لتحكى همومها وتشعر عند هذه النقطة بأن حضور الكاتبة قد طغى على حضور بطلة القصة فقد جاء هذا الجزء ليتحدث إلى حد ما بطريقة مباشرة وربما التمس لها بعض العذر فى انها أرادت أن تقول شيئا من خلال القصة تنصف به المختمرات ولكن المباشرة احيانا تكون ضد العمل لا معه
ثم يأتى أكثر الأجزاء إمتاعا حينما تأخذك عبر الترام للتوقف معها عند محطات حياتها المختلفة وأحيانا قد تنفصل عنها لتستعيد محطاتك الخاصة
وقد توقفت البطلة عند كل محطة بمشاعر مختلفة وجعلتنا نتفاعل معها ولكن جاء ذكر الكنيسة هنا مرة أخرى بلا داع وبدا مقحما فى القصة وأيضا استمرارها فى إبداء ملاحظتها على الفتاة المختمرة حتى النهاية بدا أيضا وكأنه متعمد ومباشر أكثر من اللازم "غير انها سمعت" وبركاته" من الفتاة
أحيى جنى على قصتها الجميلة الرقيقة وأرجو منها أن تتوقف لتراجع الأخطاء اللغوية التى كان من السهل تلافيها والتى تجعلك أحيانا تتوقف عن القراءة عندما تصدم بها
فى النهاية يا جنى اختيار القصة للنقد هو تعبيرا عن قيمتها وعن موهبتك ..أتمنى لك التوفيق
أحييك أخى طارق على نقدك الذى كان ممتعا وكذلك أحيى الأخ أحمد منتصر فقد استفدت كثيرا من نقده الموجز المكثف
تحياتى